Ads 468x60px

السبت، 7 أبريل 2012

غياب الموضوعية في تقويم الإنجازات الكتابية للمتعلمين

أحمد إدوشن - طالب مفتش
    يعد تقويم إنجازات المتعلمين لبنة أساسية في مواكبة مسار التعلم لديهم، ووجود أي خلل في هذه الأداة معناه الإبحار في عالم التحصيل دون تملك الوسائل الكفيلة لمعرفة الوجهة الصحيحة من الخاطئة ولا لتبين جاهزية واستعداد السفينة/ المتعلم لشق عباب هذا البحر.
    ولعل أبرز ما يعاينه أي ملاحظ أثناء تصفح إنجازات المتعلمين الكتابية بالمدرسة الابتدائية لاسيما الأنشطة المنجزة داخل الفصل، هو غياب الموضوعية في تصحيح أعمال التلاميذ، فتارة نجد نسبة النقط مرتفعة في حين أن النشاط المنجز مليء بالأخطاء، وتارة أخرى نجد الإنجاز سليم خال من الأخطاء لكن النقطة الممنوحة من قبل الأستاذ لا تعكس ذلك، وأحيانا أخرى نجد تباينا في الدرجة الممنوحة رغم تشابه الإجابات.
    مما يدفعنا إلى طرح سؤالين كبيرين في هذا الصدد وهما:
-         ما الأسباب الحقيقية الكامنة وراء غياب الموضوعية في تصحيح الإنجازات؟
-         ثم ما السبيل إلى معالجة الأمر؟

    وهذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذا المقال.
    بداية لا بد من التذكير بمفهوم التقويم المقصود من حديثنا عنه أعلاه وإلى أي نوع ينتمي.
    التقويم - حسب الدليل البيداغوجي - سيرورة تهدف إلى تقدير المردودية الدراسية و صعوبات التعلم عند شخص بكيفية موضوعية، بالنظر إلى الأهداف الخاصة، وذلك من أجل اتخاذ أفضل القرارات الممكنة و المتعلقة بتخطيط مساره المستقبلي.
    يستنتج من التعريف أن التقويم البيداغوجي عبارة عن سيرورة منهجية تتوخى تقدير التحصيل الدراسي لشخص معين وتشخيص صعوبات التعلم التي تعيق نموه المعرفي، وذلك بالنظر إلى المنهاج المسطر، بهدف أصدار الحكم المناسب واتخاذ أفضل القرارات المتعلقة بتخطيط المستقبل الدراسي للمتعلم(ة).
    وبالتالي فالمستقبل الدراسي للمتعلم مرتبط بتقويم ودعم وتتبع تحصيله، والتقويم الفعال من شأنه المساهمة في الرفع من جودة التعلمات لدى جميع المتعلمين على حد سواء لكن إذا روعي في ذلك مجموعة من المبادئ الهامة وعلى رأسها مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المتعلمين، كما أن المتعلم يتبين من خلال تقويم إنجازاته مدى استيعابه لتعلماته من عدمه ودنوه أو بعده من تحقيق الأهداف المسطرة لكل درس.
    نأتي الآن إلى السؤال المطروح في البداية المتعلق بأسباب غياب هذه الموضوعية، فإذا كانت هذه الظاهرة شبه عامة عند الكثير من الأساتذه فلا بد أن لها دوافع، ومن خلال سنوات التدريس والاحتكاك المستمر مع السادة الأساتذة والمديرين بالإضافة إلى المفتشين، يمكن إجمال هذه الأسباب فيما يلي:
-         عدم وعي السادة الأساتذة بأهمية التقويم كمكون حاسم في سيرورة التحصيل الدراسي للمتعلمين وبأهميته في توجيه الفعل التعلمي وإعادة النظر في استراتيجيات التدريس؛
-         إغفال أو عدم إدراك أهمية بيداغوجيا الخطأ في التحصيل الدراسي؛
-         كثرة التلاميذ في الفصل الواحد، مما يعني اضطرار الأستاذ لتصحيح كم هائل من الإنجازات وفي وقت وجيز، فيلجأ إلى إعطاء نقط اعتباطية بحسب كثرة الأخطاء أو قلتها؛
-         الحكم المسبق على مستوى المتعلمين فالمتفوقون دائما يحصلون على نقط مرتفعة بخلاف ضعاف التحصيل، بغض النظر عن المجهودات المبذولة من طرفهم؛
-          عدم التمكن من مهارة رصد الأخطاء أو المواضع التي يجب التركيز عليها ولها علاقة بأهداف الحصة
   وإذا أمعنا التفكير أكثر لا شك سنجد مجموعة من الأسباب الأخرى، لكن الأهم هو البحث عن الحلول الممكنة لمساعدة السادة الأساتذة على إعمال مبدأي المساواة والجودة أثناء تصحيح إنتاجات المتعلمين كعاملين حاسمين لتحسيسهم على أهمية عملية التقويم وما لها من نتائج إيجابية على العملية التعليمية التعلمية.
    ومن الحلول المقترحة ما يلي:
-         عقد سلسلة من دورات تكوينية للأساتذة حول أهمية التقويم وحتميته للرفع من جودة التعلمات؛
-         اعتماد شبكة تصحيح دقيقة وبسيطة، والتركيز أكثر على أهداف الدرس المسطرة قبل الحصة؛
-         تصحيح المتعلمين بعض إنجازاتهم بأنفسهم عن طريق معايير موضوعية وواضحة، أو عن طريق تصحيح إنجازات بعضهم بعضا، لإتاحة الفرصة للأستاذ التركيز على أهم الاختلالات والصعوبات التي تقف أمام التحصيل الدراسي للمتعلمين؛
-         يمكن للأستاذ اعتماد التقويم الآني، أي أثناء إنجاز الأنشطة الكتابية، للتصويب والتوجيه دون انتظار انتهاء المتعلمين خاصة المتعثرين منهم ؛
-         يمكن كذلك في حالات خاصة أن يوضع رهن إشارة المدرسة أستاذ تكون مهمته تصحيح الإنجازات الكتابية للمتعلمين انطلاقا من شبكة تصحيح تضم معايير دقيقة، ويعد تقريرا أو لائحة لتفيئ المتعلمين، على ضوء النتائج المحصل عليها، من أجل اعتمادها لتتبع ودعم المتعثرين.
خلاصة:
    لا شك أن إيلاء الأهمية اللازمة لعملية تصحيح الإنجازات الكتابية للمتعلمين، يعود بالنفع على المتعلم والأستاذ والمنظومة التعليمية ككل، حيث الأول يقيس مدى تقدمه في مسار تعلمه مما يدفعه لبدل مجهودات إضافية سواء كانت النتائج إيجابية أو سلبية، لأن الموضوعية والمصداقية وعناية الأستاذ التامة لعملية التصحيح هي التي تشعر المتعلم بجدواها.
    أما الأستاذ فتعتبر هذه العملية تغذية راجعة بالنسبة إليه، فهي تقويم لإنجازات متعلميه كما أنها تقويم لعمله داخل الفصل فيتم على ضوء النتائج المحصلة عليها التعديل أو التجديد في استراتيجيات اشتغاله.
    بالإضافة إلى كل هذا وذاك فنتائج التقويمات – والتقويم بصفة عامة هو الحلقة الأضعف في نظامنا التعليمي – يتم الإشتغال عليها في مستويات عليا للإعداد للبرامج والمقررات الدراسية المستقبلية، والبحث عن وسائل وطرائق بديلة للتدريس وغيرها.

0 التعليقات:

إرسال تعليق